مصر، إلى أين؟

Date de publication : 28-07-2013  


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

    أما بعد



    قائد الإنقلاب: الفريق عبد الفتاح السيسي يعلن انقلابه بمباركة من شيخ الأزهر وبابا الأقباط وحزب السلافيين
    فإن أفضل ما نعزي به ذوي الشهداء الذين ذهبوا ضحية إجرام السيسي وأزلامه، قوله تعالى

    وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتـَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ

    وقوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

    إن المجازر التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا يوميا في مصر على أيدي قوات الأمن المصرية و بلطجيتها ، وخاصة منها التي وقعت فجر يوم السبت 18 رمضان 1434، الموافق ل 27 يوليو 2013، والتي ذهب ضحيتها أكثر من 150 شهيد و أكثر من 4500 جريح متفاوتة الخطورة، كثير منهم سوف يلحقون بربهم شهداء، لتدعو أحرار العالم- إذا بقيت هناك بقية منهم- أن يرفعوا صوتهم عاليا و أن يهبوا مجتمعين لنصرة هؤلاء المظلومين العزل، الذين لاذنب لهم إلا أنهم عرفوا الحق والتزموا به و دعوا إليه بسلمية منقطعة النظير


    وإن هذه المجازر المتكررة لتدعونا إلى التساؤل عن مدى حرمة دم المصريين، التي كان يبدو أن هناك شبه اتفاق على حرمتها. أليس هؤلاء مصريين؟ أم جُردوا من مصريتهم منذ وقوفهم مع الشرعية والقانون في وجه المجرمين من الجيش و أذنابهم الذين سطوا على الحكم و عطلوا الدستور، و سجنوا الرئيس الشرعي الذي أفرزته صناديق الإقتراع في انتخابات حرة ونزيهة، وروعوا وقتلوا وأثاروا في الأرض الفساد


    إن الذي يحدث في مصر هذه اأيام ليعطينا صورة واضحة على مدى الحقد والكراهية الذي يكنه أصحاب الأهواء لديننا الحنيف، الذي لايدعو الناس إلا إلى الرحمة والعدل. فهذا هو القرآن الذي يأمر أتباعه بذلك، في قوله تعالى

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى

    و إن الجيش المصري ، بعمليته الإنقلابية، أظهر للعالم عدم تحضره، إذ العالم المتحضر لم يعد يعيش في القرن العشرين وما قبله، أين كانت شريعة الغاب هي المسيطرة و الحكام لا يصلون إلى مناصبهم إلا عن طريق القوة، وربما يعطينا ذلك كذلك سبب سقوط الدول العربية في الحضيض والتزامها ذيل الأمم، لا علميا ولا سياسيا ولا اقتصاديا ، بعد أن كانت المثل الأعلى في التحضر، وكانت تشد إليها رحال العلماء والمتعلمين، على اختلاف أجناسهم و دياناتهم


    الرئيس مرسي ينصب السيسي قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع،قبل شهور من الإنقلاب

    فالعالم يعيش اليوم في القرن الحادي والعشرين، حيث كل الناس لهم نفس الحقوق و الواجبات، وكلهم يحق لهم الصعود إلى السلطة إذا تحققت فيهم الشروط اللازمة. و السلطة فيه تنتقل عن طريق صناديق الإقتراع لاعن طريق السطو و الإنقلابات. وقوات الأمن فيه تحرص على أمن سكانه ، ولا تسعى إلى ترويعه و قتله نيابة عن أعدائه. فأين هذه من تلك؟




    أحمد الطيب، شيخ الأزهر
    وإن مما يثير الخزي والعار على أصحابها، تلك المواقف اللئيمة، المباركة - علنيا أو ضمنيا – للإنقلاب العسكري في مصر الذي يحصد كل يوم عشرات وربما مئات الأرواح البريئة، التي لاشك أنهم سوف يسألون عنها : بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ؟

    ابتداء من مباركة شيخ الأزهر ووقوفه في خانة الإنقلابيين من أول يوم، والذي أيد دعوة رئيس الإنقلاب ، الفريق السيسي، لخروج مؤيديه إلى الشارع وإعطائه تفويضا لمحاربة ما يسميه إرهابا، وهو التظاهر السلمي للرافضين للإنقلاب العسكري. فشيخ الأزهر يعتبر هذه الدعوة وهذا التفويض – تضليلا للناس- دعوة "لوحدة الشعب". هذا كان قبل تظاهر يوم الجمعة - جمعة التفويض، كما سماها المجرمون-، أما بعد المذبحة، فقد أصاب شيخ الأزهر الخرس، وما استطاع أن ينكر و يندد بذلك العمل الإجرامي، إلا على استحياء، بعد الدفع القوي له من طرف بعض مستشاريه، الذين هالهم عظم الإجرام الذي أطال أولائك البرآء


    ألم يعلم شيخ الأزهر أنه : " مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا " ؟

    ويزيد الطين بلة و شيخ الأزهر تورطا في هذا الإجرام – وذلك حسب ما روى بعض الشهود - صعود بعض قوات الأمن و البلطجية الموالية لها فوق أسطح مباني جامعة الأزهر وإطلاق الرصاص من فوقها على صدور ورؤوس المتظاهرين

    وإذا كانت الشعوب الإسلامية قد يئست من مواقف أمريكا و أوروبا العدائية، التي وضعت وحمت ودافعت وما زالت تحمي وتدافع عن الأنظمة المستبدة في العالم العربي خاصة، والتي أصابها الجنون و الهوس، فلم تعد تفرق بين الإنقلاب العسكري و الشرعية الدستورية الممثلة في صناديق الإقتراع، فإن هذه الشعوب ذُهلت أمام صمت الأنظمة العربية تجاه هذه المذبحة. فأين بلدان الخليج من هذه الجرائم ؟ أين هيآت الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟ أهناك جُرم و منكر أعظم من قتل نفس بغير حق؟

    وحتى نبقى منصفين، علينا أن نُشير إلى مواقف الدول الغربية المستنكرة ،على رؤوس الشفاه وعلى استحياء شديد، بالمجزرة الأخيرة، والداعية إلى ضرورة الحل السياسي، و خجلت من أن ترفع صوتها – كما عودتنا في كثير من المناسبات - بالنداء للرجوع إلى الشرعية الدستورية الممثلة في شرعية الرئيس مرسي


    أنا أعرف أنه انقلاب عسكري
    ولكني لا أستطيع التصريح بذلك


    و لقد شهد العالم بأسره، عدا المجرمين وأذنابهم الذين يستمرون في نشر أكاذيبهم وبهتانهم، أن العنف يأتي من المتظاهرين، الذين يصفونهم بالإرهاب و الإجرام، على سلمية تظاهرة دعاة الشرعية رغم ما يتعرضون إليه من تنكيل وإبادة، و لكن أمام فئة مجرمة ، لا ترعى في الله إلا ولا ذمة ، و ليس لها رادع لا من الداخل ولا من الخارج، أيحق للمسلم أن يكشف على صدره ليواجه به طلقات الرصاص؟ ألا يُعد ذلك إنتحارا ؟ ففيم يهم قول الناس بسلمية التظاهرات من عدمها، إذا كانت لهم أحكام مسبقة عن الإسلاميين؟




    رأسا الإنقلاب عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي
    من حاكم البلاد؟ أنا أم أنت؟
    فاليوم نقول لإخواننا وأخواتنا الذين يواجهون همجية أولائك الوحوش الذين أبوا إلا أن تحكمهم شريعة الغاب
    أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

    وقديما قيل: "الحديدُ بالحديد يُفلَح".فسلاح المجرمين لا يواجه بالصدور العارية، ففي مثل هؤلاء يقول تعالى

    وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ

    فصبرا صبرا أيها الأبطال المدافعون على إحقاق الحق و إبطال الباطل، ولنعلم جميعا أن النصر صبر ساعة. فالنصر آت بإذن الله ولكن اقتضت حكمة الله أن يكون قبل النصر الإبتلاء

    وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

    فثبتكم الله و قواكم ونصركم على المجرمين. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Auteur : محم


Il n'y a aucun commentaire pour cet article.


Ne soyez pas passif, réagissez à cet article, en ajoutant votre commentaire

Copyright © CSMB 2010